“نقش الحناء”.. لوحات فنية تزين أيادي الفتيات الفلسطينيات

عشر دقائق هي المدة الزمنية التي تستغرقها الفنانة الفلسطينية “فاطيما الغول”، في تحويل أيادي فتيات صغيرات إلى “لوحات فنية” بنقش “الحناء”.

 

وفي داخل مشغلها بإحدى المعارض الكائنة غربي مدينة غزة، تتزاحم صبيات وطفلات للحصول على أيادٍ تتزين بالفراشات، والورود، وزخارف هندسية .

 

وفيما تنشغل الغول (27 عاما)، بنقش فرع شجرة على ظهر يد إحدى الفتيات تقول لمراسل للأناضول، إنها تتخذ من النقش بالحناء “هواية” و”مصدر زرق لها”.

 

وتضيف وقد أوشكت على الانتهاء من زخرفة يد أحدى الفتيات بشكل فني جذاب :”الحناء شيء من التراث يجب المحافظة عليها”.

 

وتتابع:” فن النقش بالحناء لا يزال حاضراً ولكن بشكل ليس كبيرا ، وأعمل على المحافظة عليه من الاندثار”.

 

ولا تأبه الفنانة الشابة لعلامات الإرهاق التي بدت على وجهها إثر انشغالها لساعات طويلة في تزيين أيادي الفتيات.

 

وتضيف “نقش الحناء من العادات التي تحفظ في الذاكرة، ولا يمكن نسيانها لما تعطيه للفتاة من مظهر فاتن”.

 

ونوهت قائلة “هناك إقبال جيد من الفتيات اللواتي يطلبن النقش بالحناء على أيديهن وأرجلهن لإعطاء مظهر جميل”.

 

وتفضل الفتيات بحسب الغول أشكال الزخارف، والزهور، ونقش أسمائهن على باطن اليد.

 

وتتخذ الغول، من نقش الحناء مصدر دخل لها، حيث يمنحها الرسم على أيدي زبوناتها ما بين (3 إلى 5 دولارات) للفتاة الواحدة.

 

ورغم أن ليلة الحناء اشتهرت في فلسطين، لدى العائلات التي هاجرت من مدنها وقراها عام 1948 عقب “النكبة”، إلا أن هذه العادة بدأت تجد طريقها إلى أغلب العائلات في قطاع غزة، وإن اختلفت في التسمية، وطريقة الاحتفال.

 

فلا يكاد عرس في قطاع غزة، إلا وتسبقه بيوم أو يومين حفلة خاصة بالعريس يحييها الشباب، وأخرى للعروس بمشاركة الفتيات والنسوة.

 

وتجد الكثير من العرائس في “الحنة”، وسيلة تميز ليلة عمرهن، خاصة في ظل انتشار الأشكال المختلفة للنقش والرسم على اليدين.

 

وتقول الغول للأناضول :” الرسم بالحناء أمر ليس بالسهل، يحتاج إلى دقة عالية ومجهود كبير ، والممارسة تساعدك على الاتقان”.

 

وتضيف:” منذ صغري، وأنا أجيد الرسم بالحناء لكن قررت منذ ما يقارب 9 أعوام الترويج لنفسي كي أجمع زبائن ويكون النقش مصدر رزق لي”.

 

ويعتبر النقش بالحناء من الأمور التي تميز الهوية والتراث الفلسطيني، منذ عشرات السنيين، وهو أحد الفنون الشعبية المتوارثة بينهم عبر الأجيال، حسب الغول.

 

وكانت النساء الفلسطينيات في الماضي، ينقشن على أيديهن وأرجلهن أشكالا هندسية، وزهورا وأشجارا وغيرها من الرسومات التقليدية .

 

ولتسهيل عملية النقش تستخدم الغول، معصار الحناء (وهو عبارة عن كيس بلاستيكي مخروطي الشكل ومدبب الرأس)، تتمكن بفضله من التركيز في إعطاء الرسومات مظهرا بارزا ومحددا.

 

وإضافة لكونها نوعا من الزنية يعتبر “نقش الحنة” بالنسبة للفلسطينيين جزءا من التراث، ولها أغانٍ خاصة ارتبطت بها.

 

وتشتهر شجرة “الحنّاء” في فلسطين، ولها ثمر رائحته مميزة تعرف بـ”تمر الحنة”، أما أوراقها فتستخدم كصبغة للشعر، لإخفاء الشعر الأبيض (الشيب)..

 

ويباع مسحوق الحنة في أسواق العطارة جاهزاً، وقد يتم إعداده في البيت، عن طريق سحق الأوراق وعجنها بالماء، وإضافة أنواع من النباتات البرية مثل “الكركديه” لجعل لونها أحمرا أو بنيّا.

 

من جانبها تقول الفنانة دينا دياب،(25 عاما)، “نقش الحناء مارسته منذ ما يقارب عام احببته بشكل كبير لما يعكس من جمال وأناقة لدى الفتاة”.

 

وأضافت في حديث مع “الأناضول” :” الكثير من الفتيات يشعرن بالتميز والأناقة بعد النقش على أيديهن وأرجلهن، وهناك فتيات يعدونه من التراث والتقاليد القديمة”.

 

ولفتت إلى أنها اتخذت من هواية نقش الحناء مهنة تكسب من ورائها القليل من الأموال.

 

من جانبها تقول زينب نصار(26 عاما)، إحدى الفتيات اللواتي تزينت بنقش الحناء، في حديث مع مراسل الأناضول:”” الحناء يعطي مزيد من الجمال للجسد، ويعني لي الكثير”.

 

وأردفت:” أنقش الحناء باستمرار لما يعبر عن ماضينا وإحياء لعادات وتقاليد أجدادنا القدماء”.

 

وقالت أنها اعتادت على نقش الحناء لأنه يعطيني مظهرا جميلا، وفق وصفها.

الاناضول

Hide picture