“شبرة قمرة”: فنّانات غزّيّات يواجهن زواج القاصرات

في تجربة جديدة للفنون المعاصرة بغزّة، تعبّر المرأة عن قضايا المرأة، إذ تشارك خمس فنّانات غزّيّات في ابتكار أشكال وقوالب فنّيّة تحتجّ على انتهاك حقوق المرأة وإيذائها بأيّ وسيلة كانت، وذلك من خلال معرض “شبرة قمرة” الذي نظّمه مركز شؤون المرأة بالتعاون مع جاليري شبابيك، احتجاجًا على زواج الفتيات القاصرات في القطاع ضمن حملة “لا زلت طفلة” التي انطلقت في حزيران 2016 وتستمرّ حتّى نيسان 2017.

شبرة قمرة” ورشة فنّيّة للبحث عن الهويّة والذات، من خلال ثيمة “المرأة”، ويأخذ عنوانه من اسم لعبة تراثيّة من ألعاب الفتيات الصغيرات. وقد كتب قيّم المعرض شريف سرحان، في التعريف به، أنّه جاء ليعكس الواقع اليوميّ من خلال الفنون المعاصرة، وأنّ اختيار خمس فنّانات للعمل معهنّ لم يكن أمرًا سهلًا. إلّا أنّ إصرارهنّ على إنتاج أعمال فنّيّة متنوّعة، وبخامات مختلفة، حتّى يكون هذا المعرض، مثّل تحدّيًا له ولهنّ، لتقديم الفنون البصريّة المعاصرة بأشكالها المختلفة.

زفاف قاصر

الفنّانة رفيدة سحويل كانت صاحبة العمل الأكثر لفتًا للانتباه، بعنوان “زفاف قاصر”،  إذ أنشأت فستان زفاف من وثائق طلاق حقيقيّة، وراء العمل ثُبّتت خلفيّة لونها أسود، سعيًا لإبراز حلكة مصير زواج الفتيات القاصرات.

هل التعبير عن هذه القضيّة بتلك السهولة؟ نسأل الفنّانة سحويل، فتقول: “هو سهل ممتنع، لأنّ الحديث في هذا الموضوع حسّاس إلى درجة كبيرة”، وتُضيف: “ثمّة خوف كثير من طرح الموضوع، حذرًا من معارضة مجتمعّية”، لكنّها على الرغم من ذلك، تجد نفسها قادرة على مواجهة هذا الاعتراض من خلال عملها الفنّيّ، متسائلة: “أين هو المجتمع من اغتصاب براءة الحياة؟”

كلام يذبح

في عمل الفنّانة التشكيليّة ميّ مراد، “الكلام يذبح”، شبّهت مراد تأثير العنف اللفظيّ بسكّين تطعن قارورة زجاجيّة، وهي تستوحي عملها الفنّيّ من تعبير مشهور متداول: “كلام متل السكّين”. عن رؤيا العمل تقول مراد: “أريد بذلك الإشارة إلى الأثر الذي يتركه العنف اللفظيّ على المرأة ونفسيّتها، ففي ديننا الإسلاميّ، شُبِّهت المرأة بالقارورة لرقّتها وشفافيّتها، لكنّها تتعرّض الآن لكلّ أنواع العنف”.

أطراف مبتورة

تأتي منحوتات الفنّانة التشكيليّة رنا البطراوي برؤيا فنّيّة تطالب بمكانة وقيمة المرأة في بعض الحضارات القديمة، إذ كان له، وفق رؤيتها، دورًا في المجتمع مكّنها من الحكم أيضًا. بهذه الرؤيا الفنّيّة، اختارت البطراوي أن تتدرّج منحوتاتها من المكتملة شيئًا فشيئًا إلى المبتورة الأطراف، للتعبير عن الانتهاك الذي طال المرأة الفلسطينيّة بفعل العدوانات الإسرائيليّة المختلفة، وكذلك التهميش والانتهاك المجتمعيّ لحرمتها وخصوصيّتها.

طنجرة ضغط

في عمل فنّيّ آخر، تُعبّر الفنّانة سمالتشكيليّة سميّة الأقرع عن معاناة المرأة اليوميّة، من خلال تسع لوحات فنّيّة لوجوه أنثويّة مختلفة، شُوِّهَ شيء من ملامحها. وقد وُضِعَت صور الوجوه نفسها، أيضًا، داخل طناجر في ظروف متشابهة. تقول الأقرع: “اخترت هذا الوسيط، أي الطناجر، لأنّه جزء أساسيّ من روتين المرأة اليوميّ، بيد أنّ المجتمع ينظر إليه وكأنّه محور حياتها”، وأضافت: “من هنا كانت الطنجرة حاضرة لتبرز الضغط الهائل الواقع على عاتق المرأة، ولتظهر صمودها وصراعها اللا منتهي”.

طرحة

من عمل جدل نتيل

في العمل الفنّيّ “طرحة”، تذهب الفنّانة التشكيليّة مجدل نتيل إلى التركيز على الدلالات اللغويّة المنبثقة من مصطلح “طرحة”، والمرتبط باللون الأبيض، وذلك بإعادة المصطلح إلى فعله الأصليّ، وطرح كلّ ما هو مؤنّث بصريًّا من هذا البياض أو العكس، من خلال قصّ عناصر مؤنّثة من الأبيض، وإعادتها إلى الفيديو بتقنيّة الأنيميشن.

بذلت الفنّانات المشاركات في معرض” شبرة قمرة” جهدًا جميلًا، دلّ على طاقة كبيرة لديهنّ، تستحقّ أكثر من ورشة فنيّة تتولّد من خلالها أعمال وأشكال فنّيّة عديدة، يعبّرن فيها عن احتجاجاتهنّ العديدة، ضدّ الظلم على اختلاف أشكاله. المؤسّسات الفلسطينيّة، لا سيّما الغزّيّة، المهتمّة بقضايا المرأة، مدعوّة إلى تنظيم عدّة أنشطة واحتفالات فنّيّة، تتيح للفنّ المعاصر أن يتناول قضايا المرأة ويطرحها، فهو قد يصل الناس ويؤثّر فيهم أكثر بكثير من المؤتمرات وحلقات الدرس والندوات.

المصدر “فُسحة”

Hide picture