“أولاد المختار”.. دراما تحاول النهوض بالأعمال الفلسطينية

وسط أجواء الطبيعة القروية، ينتشر ممثلو “أولاد المختار” في مواقع التصوير بقرية “رابا”، قرب جنين شمال الضفة الغربية، يرتدون الملابس التقليدية الفلسطينية التي تحاكي سنوات ما قبل احتلال إسرائيل لأراضيهم عام 1948م.

ويسعى فريق عمل مسلسل “أولاد المختار”، بالخروج بعمل “نوعي” وبإمكانيات محدودة، لإنتاج مسلسل يقول القائمون عليه إنه الأكبر على مستوى الأعمال التي أنتجت داخل فلسطين.

وبينما ينشغل المخرج الشاب بشار النجار، بإعطاء ملاحظاته قبيل البدء بتمثيل أحد مشاهد المسلسل، تسترق وكالة الأناضول منه بعض الوقت، لتسأله عما يميّز هذا العمل عمّا سبقه من أعمال درامية فلسطينية.

ويجيب قائلا:” نريد أن نؤكد أننا كشباب فلسطينيين قادرين على إنتاج دراما فلسطينية حقيقية تليق بقضيتنا، وتكون قادرة على منافسة أعمال عربية، في ظل الظروف الإنتاجية والسياسية الحالية”.

ويتناول المسلسل قصتين، الأولى عن خربة (قرية صغيرة) “أم اللوز”، القرية الفلسطينية التي تم “تهويدها” في مدينة القدس.

والقصة الأخرى عن قرية “زُهرة”، التي تدور فيها أحداث المسلسل، وعن صندوق “الكواشين” (الأوراق الثبوتية) والحجج، الذي يخرج مع مجموعة من الناس الذين تمكنوا من الهروب من العصابات الصهيونية، ويصل الصندوق للقرية.

وتبدأ الحكاية بمحاولات إيصال “الكواشين” لأصحابها، حتى لا يتم الاستيلاء عليها من قبل إسرائيل.

وعدد حلقات المسلسل 30، ومدة الحلقة الواحدة 50 دقيقة، وسيُعرض في شهر رمضان المقبل.

ويشارك في العمل 40 ممثل وممثلة من مختلف مناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة، إضافة لمشاركة الفنانة الأردنية سهير فهد.

ويقول المخرج بشار النجار:” نحن كفلسطينيين أحق من غيرنا بالحديث عن قضيتنا ونكبتنا، ونتناول المواضيع التي نحن أقرب لها من أي شخص آخر، هذا ما يدفعنا لنكافح ولا ننام الليل لننتج هذا العمل”.

وأشار إلى أن التكلفة الإنتاجية لمسلسل “أولاد المختار” وصلت لنصف مليون دولار، وهي الأعلى بين تكلفة الأعمال التي أنتجت داخل فلسطين، حسب قوله.

وقال:” المسلسل بحاجة لأكثر من نصف مليون دولار، لكن هناك عوامل عدة تساعدنا في تخطي هذه الصعوبة، فبعد توفيق الله، وقف أهالي قرية رابا لجانبنا، وقدموا كل ما يستطيعون عليه لفريق العمل، فتحوا بيوتهم لنا، ووفروا لنا الكثير من المعدات”.

وتابع:” العامل الآخر الذي ساعدنا، هي همة طاقم المسلسل، الذي يعمل بأقل الإيرادات في سبيل أن نخرج بهذا العمل”.

وتوقع النجار أن يكون العمل ناجحاً ويحقق نقلة نوعية، على مستوى الدراما الفلسطينية.

وقال:” جمالية النص ومتانته، وجمالية المكان، والثقة التي بدأنا أن نكسبها من الناس بعد عدة أعمال سابقة، عوامل أخرى ستساهم في نجاح هذا العمل”.

وبعد أن تجول بنظره في مكان التصوير، كي يتأكد من جاهزية الممثلين لمواصلة العمل، قال لمراسلة وكالة الأناضول:” لم يكن هناك دراما فلسطينية بهذا المستوى من الإنتاج، وبإذن الله سنكون من أوائل من يضعون بصمتهم بأعمال درامية فلسطينية كبيرة”.

وتابع:” كانت هناك تجارب عربية تناولت القضية الفلسطينية، سواء حالية أو قديمة، فلماذا لا نقدّم نحن الصورة الأقرب للواقع لأننا الأقرب لها”.

ويجري تصوير المسلسل في 53 موقع تصويري، يتوزع بين أبنية، أو إعادة إعمار أو ترميم أو صناعة من الصفر.

وعن الصعوبات التي تواجه “أولاد المختار”، أشار المخرج إلى أن أكثرها هي تحضير الإكسسوارات، فالمسلسل يتناول ثلاث حقب زمنية، وذلك يتطلب قلب الموقع والملابس ثلاث مرات.

وتفتح الحلقات الأولى من المسلسل، الحقبة منذ عام 1947م، لحظة تسليم الانتداب البريطاني فلسطين لليهود، وينتقل لحقبة الـ1967م واحتلال الضفة الغربية والقدس، وصولاً لعام 1980م.

من ناحيته، أشار مدير إنتاج المسلسل سعيد النجار، إلى أن “أولاد المختار” يعد العمل الفلسطيني الدرامي الأول الذي يتحدث عن القصة الفلسطينية.

وقال لوكالة الأناضول:” دائماً ما نطالب غيرنا بإنتاج دراما تروي حكاية الشعب الفلسطيني ومعاناته، لكن بمسلسل “أولاد المختار” سنرويها نحن من واقعنا وأرضنا”.

بدوره، أشار الكاتب والناقد سعيد أبو معلا، إلى أن الأعمال الدرامية الفلسطينية بالمجمل، التي تنتج في فلسطين وعنها، قليلة.

وأضاف في حديثه لوكالة الأناضول:” ببساطة النتاج الدرامي شبه غائب، وما ينتج سنويا من أعمال يعرض في شهر رمضان، ولا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وبالتالي نحن ما زلنا نحبوا في الإنتاج الدرامي للأسف الشديد”.

وأضاف:” تجربتنا الدرامية عمرها قليل نسبيا، بمعنى إن قارنّا ما ننتجه كفلسطينيين مع ما ينتج سورياً أو مصرياً أو حتى خليجياً فالمقارنة تكون ظالمة، السياقات مختلفة والحال مختلف والتجارب الفنية مختلفة أيضا”.

وتابع:” من خلال متابعاتي في شهر رمضان الماضي، فإن جزءاً مما أنتج كان تقليداً لنماذج من الدراما السورية أو العربية، ولكنه تقليد أعمي ويفتقر للكثير من الأمور الفنية مثل السيناريو الجيد، التمثيل الاحترافي، والإخراج المحترف”.

وأضاف:” كما أن الأمر فقير على مستوى الإنتاج، فالميزانيات ضعيفة، وتكاد ميزانية عمل من 30 حلقة تساوي أجر أصغر فنان عربي في مسلسل خليجي”.

ومضى قائلاً:” نحن نمتلك حكاية تهم الجماهير العربية، وليكون السؤال كيف نصل إلى هذه الجماهير، بداية نحتاج الاحتراف الفني تمثيلا وكتابة وتصويرا…الخ، ومن ثم نحتاج التمويل حتى نسير في مسار تصبح الدراما صناعة، ونحتاج رعاية أو اهتمام رسمي وخاص”.

وعن “أولاد المختار” قال أبو معلا:” بالنظر إلى الإمكانيات المتاحة، فإننا لا نريد أن نظلمه ونعتقد أنه سيكون نقلة نوعية، ولا يجب أن نتعامل معه على هذا الأساس”.

وأضاف:” آمل أن يكون عملا فنيا جميلا ومبدعا في مشوار الدراما الفلسطينية، وأن يستمر العاملون فيه في مسيرة الإنتاج حتى تتراكم الخبرات”.

المصدر : وكالة الاناضول

Hide picture