مؤسسة محمود دروش تُكرم الفنانة امل مرقس

بحضور مثقفين وسياسيين ولفيف من الأصدقاء كرمّت مؤسسة محمود درويش في الجليل داخل أراضي 48 الفنانة الفلسطينية أمل مرقس تقديرا لمسيرتها الفنية الطويلة التي سلكتها، رغم المصاعب الجمة.

وفي الاحتفالية «أمسية الأمل»، التي استضافتها بلدة كفرياسيف قضاء عكا في الجليل موطن الفنانة أشاد الكاتب عصام خوري مدير مؤسسة «محمود درويش» بإسهاماتها الفنية الكبيرة.

واوضح أن التكريم يأتي احتراما وتقديرا لتاريخها الفني، الوطني، الإنساني وتقديرا لسنوات من العطاء المتدفق الذي حققت من خلاله نجاحا وحبا كبيرين مع جمهورها الواسع من شعبها والعرب والأجانب.

ولفت لكون الاحتفالية استثنائية ولكون الغناء ركنا أساسا في الإبداع، وقال إن الفنانة أمل مرقس اعتادت على الاحتفاء بجمهورها وهذه الليلة سنحتفي بها لأننا منحازون للفن الملتزم.

وتابع «نحب الإبداع أكثر إن كان ذا موقف وطني وإنساني وها هي أمل مرقس التي تكاد تكون متفردة بهذا النمط من الفن، ناهيك عن صوتها الجميل والمتعدد الأبعاد الذي حملت به هموم شعبها والبشرية وقدمت أغاني إنسانية أيضا».

رائدة الأغنية الوطنية

في الاحتفالية التي تولى تقديمها الزميل وديع عواودة أشار رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة وأعتبر أمل مرقس رائدة بناء المقامة الغنائية في فلسطين الداخل، وأشار للمسيرة الفنية الغنية الرائعة التي رافقت بها العمل الوطني الفلسطيني وارتبطت معه بعلاقة تبادلية فغذاها وغذته.

وقدم رئيس القائمة «المشتركة» النائب أيمن عودة تحية ومداخلة في الأمسية التكريمية.

وقال عودة :”أمل فنانة أصيلة لأنها خطت طريقًا فنيًّا خاصًا بها، استمدته من فلسطينيتها ومن القيم الكونية، انحازت لبسطاء الناس، لقضايا الفقراء”.

واضاف “استنهضت القدرات المحلية الفلسطينية، غنّت قصائد شعراء المقاومة ولامست الحكايا التراثية بالموسيقى فأحيتها انتماءً وجمالا. بصوتها طعم زيت الزيتون الفلسطيني الصافي وفي أغانيها البعد الطبقي والأممي والوطني”.

كما توقفت الكاتبة الدكتورة راوية بربارة عند نتاج أمل مرقس، وقالت إن أغانيها تشرح القلب وتعبئه حبا وطاقة.

وتابعت بربارة التي عرفتها منذ كانت فتاة فوصفتها بصاحبة العينين الخضراوين الساحرتين وبحادية اللحن وحارسة أحواض النعناع، التي عقدت ضفائرها وسرحت أحلامنا وألهمت مشاعر العشاق وهي تغني «في قهوة على المفرق وفي موقدة وفي نار».

واستذكرت أنها عرفتها في الناصرة يوم شاركت في مخيمات العمل التطوعي تحمل دلو رمل بيدها وتحمل بيدها الأخرى دفء القلب. ومضت في ما يشبه لغزل.

أغان إيقاعية دون التفريط في اللحن

وقالت الفنانة أمل مرقس خلال الحوار معها إنها تعارض القيام بخطوات لاغان تجارية من أجل ملائمة ذاتها للجيل الصاعد المعتاد على أغاني الفضائيات كون هذا الجمهور يشارك في حفلاتها ويحفظ أغانيها وإنها ترفض مسايرة الموضة وتبحث عن اللحن المناسب وعن البقاء صادقة مع نفسها عدا عن أنها تلاحظ مشاركة كل الفئات العمرية في حفلاتها.

وتضيف «مع ذلك ربما أكون في حاجة لإنتاج أغان إيقاعية لا سيما أن الناس تبحث عن الفرح بيد أن العازفين والموسيقيين زملائي في العمل معي كما تلاحظ أغلبهم شباب وهم أيضا لا يتنازلون عن اللحن المناسب».

ونوهت إلى أن الأغنية الفلسطينية بشكل عام حتى التراثية والتهاليل منها تميل للحزن لأنها تأثرت بالواقع الاجتماعي السياسي من تاريخ فلسطين ومعاناة شعبها قبل وبعد نكبة 1948.

حفظنا أغاني فيروز دون أن تطأ قدمها فلسطين بعد احتلالها

وردا على سؤال لماذا حيازة جواز سفر من السلطة الفلسطينية يمكنها من الذهاب للعالم العربي قالت الفنانة أمل مرقس إنها زارت بعض البلدان العربية وشاركت في مهرجانات فنية كتونس، والأردن، والمغرب، وقطر والإمارات، وتم تكريمها في دبي.

وشددت على أنها تعارض استصدار جواز سفر فلسطينيا بخلاف فنانين وفنانات من داخل أراضي 48 ونسبت ذلك لأسباب سياسية قيّمية وضميرية.

واضافت «حينما يسمح للاجئين الفلسطينيين في لبنان بزيارة فلسطين بجوازهم الفلسطيني سأزور لبنان بجواز سفر فلسطيني.

واكملت وحتى من ناحية الجدوى فلو زرت لبنان فرضا فهل مقابلة مع الإعلامي الشاعر زاهي وهبي ستفتح أبواب صدها العالم العربي أمامنا؟ كذلك تساءلت مرقس لماذا حفظنا أغاني فيروز دون أن تطأ قدماها فلسطين بعد الاحتلال؟ وكيف حفظنا عن ظهر قلب أغنيات مارسيل خليفة؟

واردفت «من يريد أن يعرفني سيصلني دون أن أزور لبنان الذي اعتبره قطعة من روحي وقلبي، كيف لا وجدتي لبنانية من قرية الكفير. أذكر وأنا عائدة من تونس حلقت الطائرة قريبا من حدود لبنان شاهدت مدينة صيدا من الجو ولما رويت لأبي ذلك صار يبكي. وتضيف «أعرف لبنان جيدا ومعانيه وأنا امتداد له وعندما تغني السيدة فيروز «يا قمر مشغرة» يرتعش قلبي فأنا مسكونة بلبنان الكبير وهو بي، وأتألم لعدم زيارته لا سيما أن لي معجبين كثرا هناك ويبعثون لي متسائلين لماذا لا أزور لبنان.

واشارت إلى إنها لا تشعر بأنها منيت بخسارة كبيرة أو أنها حبيسة وداخل قفص خاصة أنها تشارك دائماً في مهرجانات موسيقية في كل أنحاء العالم وموجودة في الميديا المحلية والعالمية ايضاً ومعتزة جدا بجمهورها المحلي، مشيرة إلى أن للأغاني منطق الأشجار، كما قال الراحل محمود درويش:

للأغاني منطق الشمس، وتاريخ الجداول… ولها طبع الزلازل… والأغاني كجذور الشجرة… فإذا ماتت بأرض،أزهرت في كل أرض.

وأوضحت مرقس التي لا تشارك بإحياء حفلات الأعراس حفاظا على مستوى أدائها الفني أنها لا تتنازل عن فنها وعن خطوطها الحمراء، وتقول إن كل شيء نسبي في الحياة فشعبها ما زال تحت الاحتلال وبدون دولة وغزة بلا كهرباء فلماذا «أتبغدد وأتململ»؟

حلم لم يتحقق؟

وعن حلم لم يتحقق قالت مرقس صاحبة الميول الاشتراكية إنها تتمنى أن تغني أمام جمهور أوسع منوهة أنها تعاقب أحيانا وتسدد ثمنا لمماحكات سياسية وطائفية وغيرها وإن البعض لا يقوى على المساس بفنها فيتطاول على شخصها.

وبشأن الحلم تتبنى مقولة لعاصي الرحباني: «بِعتقد إنّو بالفن ما في وُصول.. في مَشي .. بدّو يضَل يِمشِي الواحد.. وهالدَرب اللي هيّي ما إِلها آخِر، بالواقع هيّي دَرب الحلم..».

وتضيف «ظلمنا العالم العربي منذ سنوات بعدم الالتفات الكافي لنا لكنني مستمرة في مسيرتي ويمكنني الغناء تحت شجرة الزيتون قبالة بيتي مع ابني فراس عازف القانون في فرقتي».

يشار أن الفنانة أمل مرقس ابنة المناضل الشيوعي الراحل نمر مرقس، الذي كرست له إحدى أغنيات ألبومها الأخير قد صدر لها خمسة ألبومات آخرها «فتح الورد» ويشمل عشر أغان منها قصيدة للشاعر محمود درويش «انتظرها» من ألحان وتوزيع مهران مرعب.

وسبق وقال الشاعر الفلسطيني – السوري راسم المدهون أن مرقس أصدرت أغنيات وألبومات متعددة حفلت بألوان من أغنيات الحداثة التي امتزج فيها صوتها الرقيق بألحان وكلمات اعتمدت البساطة العميقة والتي تحمل شجنا خاصا له مذاق العذوبة بما فيه من حزن عميق لا يكن للحزن بل يترك في خلفيته العميقة روح تفاؤل جميل تسمح للأغنية أن تكون رسول حب للمكان كما للحبيب.

المصدر القدس العربي

Hide picture