“لمسة أمي”.. مبادرة تسعى للحفاظ على فن التطريز الفلسطيني وتمكين النساء

حفاظا على فن التطريز والتراث الفلسطيني، أطلق الفنان الدكتور فائق عويس مبادرة “لمسة أمي”، وهو مشروع تعاوني بين مؤسسة رواد التنمية والفنان يهدف إلى تمكين ودعم النساء، وخاصة الأمهات في المخيمات والمجتمعات المعنية بالتغلب على التهميش.

صمم الفنان عويس مفردات فنية تجمع ما بين الشعر العربي وفن التطريز اليدوي الفلسطيني والخط العربي الكوفي؛ حيث استلهم اسم المبادرة من شعر محمود درويش “أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي”.

وفي حوار لـ”الغد” مع الدكتور عويس، يقول: “ألهمتني والدتي عشق الفن والتطريز، وتخليدا لذكرها وتقديرا لجهودها، قمت بتأسيس مشروع لمسة أمي في أواخر العام 2015، الذي يدعم النساء وخاصة الأمهات ويخلق لهن فرص عمل جيدة”.

وتكمن ميزات المشروع “لمسة أمي” في كونه الأول والوحيد الذي يجمع ما بين الشعر العربي لكبار الشعراء أمثال محمود درويش ونزار قباني، وفن التطريز اليدوي الفلسطيني والخط العربي الكوفي الذي أقوم بتصميمه بنفسي.

جاءت فكرة المشروع بعد نجاح معرض “معلقات درويش” للفنان عويس، الذي أقيم في متحف محمود درويش في رام الله في آذار (مارس) 2014، والذي احتوى على لوحات لشعر محمود درويش تم تنفيذها بالتطريز اليدوي الفلسطيني من قبل سيدات في مخيم البقعة في الأردن.

ويؤكد الفنان أن “لمسة أمي” يعد ابتكار طريقة تجمع ما بين الشعر العربي والكلمات العربية والخط العربي وفن التطريز، مبينا أنه جمع كل ما يحب في مكان واحد: الشعر والخط والتطريز والتراث وتمكين المجتمع.

يقول عويس: “منذ بداية المشروع، تم التعاون مع مؤسسات عدة مثل مؤسسة روّاد التنمية في عمان ومركز البرامج النسائية في مخيم البقعة ومعرض دارنا للأزياء والتراث الفلسطيني في رام الله ومؤسسات نسائية ومجموعة من النساء في قطاع غزة وبعض المخيمات الفلسطينية”.

وقد تم تشغيل أكثر من 30 سيدة في هذا المشروع وإنتاج أكثر من 500 قطعة مطرزة من أوشحة وعبايات ومعلقات وأغطية وسائد وغيرها، وجميعها مستوحاة من شعر محمود درويش وشعراء آخرين حيث يكون مضمون الشعر مناسبا لكل قطعة، وفق عويس.

ومن هذه القطع الجميلة ما طرز عليها: “وأقسم من رموش العين سوف أخيط منديلا وأنقش فوقه شعرا لعينيك/ محمود درويش”، “خذيني أمي إذا عدت يوما وشاحا لهدبك/ محمود درويش”، “فإذا وقفت أمام حسنك صامتا فالصمت في حرم الجمال جمال/ نزار قباني”.

وعن آلية عمل التصاميم، يقول عويس: “بعد تجهيز أي تصميم باستخدام أدوات وبرامج كمبيوتر ومجموعة الحروف التي رسمتها وجمعتها منذ أكثر من 15 سنة، أقوم بإرسال التصميم إما بملف رقمي أو مطبوع إلى السيدات وهن يقمن بعملية التطريز. ويتم بيع القطع من خلال معارض أقيمت في دبي وأميركا وفلسطين وقريبا من خلال متجر إلكتروني”.

ويعود ريع المشروع لإنجاز أعمال تطريز أخرى ولاستمرارية وضمان المشروع وتشغيل السيدات. وكذلك تم تخصيص جزء من ريع المشروع لدعم منح جامعية لدارسة الماجستير لطالبات من بلدتي  دير دبوان- رام الله، وقد تم تقديم 6 منح حتى الآن.

يذكر عويس “أجمل شعور هو عندما قرأت مشاركة على شبكات التواصل الاجتماعي لإحدى السيدات -أسميهن فنانات لمسة أمي- حيث كتبت عن سعادتها في تعلم فن التطريز وتمكنها من تنفيذ قطع فنية تفتخر بها وكيف أن انضمامها إلى هذا المشروع جعل منها فنانة ومنتجة في الوقت نفسه”. ويقول “هذا ما كنت أطمح إليه وأملي كبير بأن يستمر هذا المشروع وينمو خارج إطار فلسطين ويسهم في دعم السيدات العربيات في أي مكان في وطننا العربي الكبير”.

والدكتور فائق عويس، فنان وباحث ولغوي فلسطيني، ويشغل حاليا منصب مدير قسم الخدمات اللغوية في شركة “جوجل”، ويعمل على دعم وتطوير الإصدارات المحلية لمنتجات وخدمات جوجل لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط والأسواق الناشئة. وعمل على تعريب العديد من منتجات شركة “جوجل”.

ومنذ انضمامه إلى الشركة، شارك في مبادرات عديدة لإثراء المحتوى العربي ودعم استخدام اللغة العربية على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي. وقد حاز هو وفريقه في “جوجل” على جائزة محمد بن راشد للغة العربية في فئة التقنية عن أفضل مشروع لخدمة اللغة العربية.

قبل انضمامه رسمياً إلى “جوجل”، عمل فائق مستشاراً في مجال التعريب للعديد من شركات الإنترنت الكبرى في منطقة سيليكون فالي في كاليفورنيا.

يحمل فائق شهادة الدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية وعمل أستاذا للغة والثقافة العربية في جامعة سانتا كلارا بكاليفورنيا. يعمل فائق على تصميم لوحات فنية؛ حيث تتركز أعماله الفنية على استخدام الخط العربي كعنصر أساسي في لوحاته.

وقد أقام العديد من المعارض الفنية في الولايات المتحدة والعالم العربي وقام بإصدار مجلد فريد في الولايات المتحدة بعنوان “موسوعة الفنانين الأميركيين العرب”؛ حيث حاز الكتاب على جائزة شرف من المتحف العربي الأميركي. وقد قام بتصميم مدخل وقبة المتحف العربي الأميركي في ميتشغان وجدارية لتكريم المفكر العربي الأميركي “إدوارد سعيد” في جامعة سان فرانسيسكو.

ومؤخرا، قام عويس بتأسيس مشروع “لمسة أمي” لدعم وتمكين النساء في المخيمات والمناطق المهمشة من خلال التركيز على دمج الشعر العربي والخط مع فن التطريز اليدوي الفلسطيني.

المصدر صحيفة الغد الاردنية

Hide picture