فلسطيني يحارب البطالة بلوحات فنية من الحصى

يبعثر الشاب الفلسطيني ماهر عياش كومة من صدف البحر وحصى صغيرة ناعمة قذفتها الأمواج على رمال الشاطئ لينتقي منها أحجاما تلائم تحفة فنية جديدة سيصنعها بعد تجميع تلك القطع على لوح خشبي مناسب.

وبدقة عالية يتناول الشاب الأحجام المختلفة من الصدف والحصى التي جمعها ويفرزها داخل ورشته الصغيرة، قبل أن يلصقها بمهارة على لوح خشبي، مكونا لوحة فنية جميلة تعكس مشهدا طبيعيا خلابا.

عياش ابن الـ 29 عاما يملك موهبة فنية مميزة، تخرج من الجامعة قبل عدة أعوام، وبصعوبة حصل على فرصة عمل مؤقتة سرعان ما انتهت، ليجلس أخيرا في منزله بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة عاطلا عن العمل غير قادر على إعالة أسرته الصغيرة.

فكر كثيرا في استثمار موهبته في إعادة تصنيع الأشياء الصغيرة وتحويلها لأشكال وتحف فنية جميلة، ليقرر أخيرا تحويل هذه الملكة الفنية إلى مصدر رزق يعينه على تلبية احتياجات أسرته، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون بالقطاع جراء تواصل الحصار الإسرائيلي.

يذهب الفنان الفلسطيني بين الحين والآخر لجمع الصدف والحصى من شاطئ بحر غزة، كونها المواد الرئيسية المستخدمة في رسم وصناعة اللوحات والمشغولات اليدوية والتحف الفنية ذات الأحجام المختلفة.

شاطئ البحر

راودت الشاب فكرة اللوحات من الحصى أول مرة عندما عاد من نزهة عائلية لشاطئ البحر، وقد جمع كومة من الحصى والصدف، ووضعها في ورشة وقرر استغلالها بعمل لوحة فنية.

استفاد الفنان الفلسطيني من حصى البحر بصناعة حلي للفتيات، فهو يحولها لأشكال فنية جميلة وينحت عليها رسومات أو أحرفا وكلمات، قبل أن يطليها بمادة تضفي عليها لمعانا جميلا.

وبينما يمسك عياش بلوحة صنعها قبل أشهر ينفض عنها الغبار، يقول للجزيرة نت إن “نكبة فلسطين لم تغب عن لوحاتي، فهذه لوحة تحاكي هجرة الفلسطينيين عام 1948، وأطلقت عليها اسم لوحة الهجرة”.

شكل بيع اللوحات في بداية عمل عايش مصدرا ضئيلا للدخل، وصل بعض الأحيان إلى ثلاثمئة دولار أميركي تقريبا شهريا، وهو مبلغ قليل لا يكفي لإعالة أسرته.

لكن ضعف بيع لوحاته وتحفه الفنية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة بالقطاع لم يكن مانعا من تطوير مهاراته، فتوجه الشاب لصناعة “الصخور الصناعية” التي يخيل لمن يشاهدها للوهلة الأولى أنها صخور طبيعية لدقته العالية في صناعتها.

تصميم ديكورات

إضافة لذلك أصبح الشاب الفلسطيني يعمل في تصميم ديكورات النوافير والشلالات التي تزين حدائق بعض البيوت والمطاعم.

ويأمل عياش أن يتحول عمله لمشروع كبير يتمكن خلاله من إعادة تدوير النفايات الصلبة ليحولها لمجسمات وأشكال فنية تزين بيوت وشوارع غزة.

لم تقف الطموحات هنا، فمؤسسات دولية مختلفة تستعين بذلك الشاب الفنان لصناعة مجسمات، كان آخرها بناء غرفة من الطين تماثل البيوت الأفريقية الفقيرة، تم استخدامها لإنتاج فاصل إنساني لصالح شركة إعلامية في غزة.

وفي إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) صنع عياش مجسما خشبيا كبيرا لقارب تجري من تحته المياه، وعلى مدخل المكان شكل فم حوت صنعه من الإسفنج.

ويأمل الشاب أن تتحسن ظروف القطاع الاقتصادية، حتى يتمكن من تسويق وبيع جميع أعماله الفنية، ويتمنى أن يجد دعما لإنتاج عمل فني كبير يجسد مراحل تاريخ فلسطين منذ الهجرة وحتى يومنا هذا باستخدام الأدوات البسيطة التي يستخدمها.

المصدر : الجزيرة

Hide picture