عمرو رضوان يُدوِّن أحداث النكبة بالرسم

لم يتوقع الفتى “عمرو رضوان” أن يحقق هذه القفزة النوعية في عالم الرسم؛ بداية الأمر كانت مع الرسوم الكرتونية ثم ما لبث أن انتقل إلى “عالم الشخصيات” بالتعمق في رسم خطوط تجاعيد الزمن على وجوه مسنين عايشوا النكبة، ملامحهم تضج بالبؤس والألم والمعاناة والضياع؛ إنه توجهٌ يوحي بالمسؤولية العالية التي تحلّى بها بالرغم من صغر سنه .

 

لم يتجاوز 17 ربيعاً ولكنه شعر أن موهبته توقع على عاتقه أمانة التعبير عن القضية الفلسطينية، لتوصل معاناة شعبه الذي عايش ثلاث حروب متتالية.

 

يقول عمرو : “لم أعايش النكبة إلا أني أرى ويلاتها ممتدة حتى يومنا الحالي، تنقلني أحاديث أجدادي إلى ذلك الواقع المؤلم، فمن أنين كلماتهم الموجعة، وتجاعيد وجوههم المرهقة تستقي ريشتي وجع قلوبهم.

 

بعد اكتشاف موهبته؛ أخذ شقيقه بيده نحو التدريب على رسوم الكرتون، ليميل فيما بعد إلى رسم الشخصيات، مضيفًا: “مجال الرسم الكرتوني جميل لكنه غير مفضل لدى شعب يعاني ويلات الاحتلال، لذلك ارتأيت أن أتجه بريشتي نحو إحياء القضية الفلسطينية”.

 

يعود إلى البدايات، تحديداً حين كان في الصف السابع وطلب مدرس الفنون الجميلة من الطلبة رسم ما يحلو لهم، حينها رسم عمرو الشيخ أحمد ياسين، وانبهر الأستاذ بما رسم، وقال له: “ينتظرك مستقبلٌ رائع بالرسم، ولكن عليك بالممارسة فهي من تصنع الفنان”.

 

يعقب عمرو على نصيحة أستاذه بالقول: “وفقاً لذلك لم ألتحق بأي دورة لتنمية مهاراتي، بل تعلمت بالممارسة والتجربة”.

 

من مصروفه اليومي وبوقوف شقيقه إلى جانبه الذي ساعده على اقتناء أدوات الرسم لصقل موهبته التي اكتشفها قبل ما يقارب خمسة أعوام، وهو الآن يرى نفسه على طريق الفن التشكيلي.

 

ويبذل قصارى جهده في توفير الورق المناسب الذي يتلاءم مع الرسم بقلم “الفحم النباتي”، إلى جانب أنه يتحدى مشكلة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

 

ويأمل أن تصبح اللوحات التي تُجسد قضايا النكبة مرجعاً تاريخياً؛ لذا ينكب على رسمها بهمةٍ وشغف.

 

يقول الفتى: “لم نعِ أحداث النكبة ولكن عرفنا معاناة أجدادنا، لذلك أعمل على تدوين الأحداث التي مروا فيها من ظلمٍ وتهجير عبر الرسم؛ لتكون لوحاتي وسيلةً للحفاظ على التراث”.

 

وفي آخر لوحة رسمها استغرق فيها ما يقارب 130 ساعة، أطلق عليها “لوحة الإنسانية” وهي صورة للفنانة أنجلينا جولي مع أطفال سرق الفقر والوجع ملامح طفولتهم وضحكتهم، وحملت رسالة مفادها ضرورة التضامن مع الشعوب المنكوبة.

 

و لم يكن بوسع عمرو شراء الأدوات ذات الجودة العالية، والتي بالتأكيد تضفي لمسة جمالية على اللوحة، فكان يستعيض عنها بأدوات بديلة، مشيراً إلى أنه شارك في أول معرض له وهو في الصف التاسع، وتناولت لوحاته قضية الأسرى والمسرى، ورموزا وطنية لدى الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى لوحات تشرح الوضع الإنساني المزري في غزة.

 

وفي ذكرى النكبة أقام معرضًا خاصًا به بعنوان “حكاية أجداد”؛ شارك فيه بـ 20 لوحة لكبار السن، ومع دخوله للعام الدراسي الجديد وضع الريشة و اللوحة جانباً لما تتطلبه طبيعة مرحلة الثانوية العامة من تفرغ ودراسة.

 

وفي نهاية حديثه يطمح لأن يصل فنه للعالم لتصل رسالة فلسطين مدويةً في آذان العالم، حين يرى آلام النكبة التي أصابت الشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا، وما ترتب عليه من تشريدٍ وتهجير، متمنيًا أن يرسم إحدى لوحاته داخل باحات المسجد الأقصى.

المصدر فلسطين أون لاين

Hide picture