“رام الله العثمانية”.. دراسة في تاريخ المدينة الاجتماعي

يعود الكاتب والباحث الفلسطيني سميح حمودة أكثر من خمسمئة عام إلى الوراء، ليدخل مدينة رام الله من بواباتها العثمانية، في دراسة تؤرخ تكوينها الاجتماعي وعائلاتها ومؤسساتها ومحاكمها الشرعية.

ويسبر حمودة غور طبيعة العلاقات الاجتماعية لرام الله في تلك المرحلة، ويضمنها في كتاب “رام الله العثمانية”، متناولا مرحلة تمتد بين عامي 1517 و1918.

ويقع الكتاب في 425 صفحة من القطع المتوسط، وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

ويقول الكاتب حمودة إن رام الله قبل أن تتطور وتصبح ما هي عليه الآن كانت خلال معظم حقبة التاريخ العثماني مجرد قرية زراعية صغيرة واقعة في قضاء القدس، وقد شكل المسيحيون من الروم الأرثوذكس الأغلبية من فلاحيها، ثم أصبحوا سكانها الوحيدين بعد خروج المسلمين منها عام 1656.

ويستدل الكاتب أن منطقة رام الله لم تخل من الاستيطان البشري منذ الفترة الكنعانية، إذ ثمة دلائل أثرية تشير إلى وجود مثل هذا الاستيطان منذ تلك الفترة في منطقة ردانة القريبة من موقع رام الله الحالي، ودلت الحفريات الأثرية منتصف القرن الماضي على وجود ثلاث مراحل استيطان في العصور البرونزية والحديدية والبيزنطية.

ويقول الكاتب إنه “عُثر في الموقع على أوان وقطع فخارية وبقايا أدوات صُنعت من البرونز كالرماح والمحاريث ورؤوس الفؤوس الصغيرة، وهذه الموجودات الأثرية تدل على أن الاستيطان في الموقع كان زراعياً وربما مؤقتاً”.

كما أثبتت الحفريات التي أجرتها دوائر الآثار الفلسطينية أن منطقة الطيرة الملاصقة لقلب رام الله كانت آهلة منذ العهد الهيليني، الذي يبدأ بموت الإسكندر المقدوني عام 323 قبل الميلاد، وأن الحياة استمرت فيها حتى العهد الأموي حين تسبب زلزال في هدمها ورحيل أهلها عنها، واستُخدمت أراضيها للزراعة مجدداً في العهد العثماني، واستمر الأمر حتى وقتنا الراهن.

ويعتقد الكاتب بأن كلمة رام الله تعني “الله أراد أو قصد” ولا يستبعد أن يكون الاسم جمعاً بين رام بالآرامية ولفظ الجلالة العربي فيكون معنى الاسم “مرتفعات الله”.

وامتازت الحياة في رام الله خلال العهد العثماني بالبساطة، وحكمتها القيم القبلية والعشائرية العربية وقامت بين سكانها علاقات تعاون، لكن الكاتب لم يغفل حصول نزاعات كانت تصل بين المسيحيين والمسلمين إلى حالات القتل واحتكام الطائفتين إلى المحاكم الشرعية آنذاك.

ويستعرض الكاتب تاريخ رام الله منذ حملة نابليون حتى بداية الحرب العالمية الأولى، ويسلط الضوء على اختلال العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وتوترها بسبب حملة نابليون، واصطفاف المسيحيين الغرباء والشوام في مصر معها ومساندتهم لها؛ إذ إن الحكومة المصرية عاملت اليهود والمسيحيين خلال فترة حكمها لبلاد الشام معاملة خاصة، وميزتهم عن نظرائهم المسلمين.

المصدر رويترز

Hide picture