الفن مقاومًا.. «دام» صرخة فلسطينية في وجه الصهاينة

تمثل فرقة “دام” الفلسطينية متنفسا فنيا يعبر أعضاؤها من خلالها عن آلام الشعب ومصيبته التاريخية، وآلامه اليومية، كبلد واقع تحت الاستعمار الذي دمر كل شيء بفلسطين منذ احتلالها عام 1948.

في أواخر التسعينيات تأسست أول فرقة “هيب هوب” وإحدى أوائل فرق الراب العربي، بمدينة اللد الفلسطينية التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتتكون الفرقة من 3 أعضاء هم تامر وسهيل النفار ومحمود جريري، أعمارهم لا تتعدى الثلاثين عاماً، وتعرف موسيقى الراب بأنها نوع من الغناء يعبر فيه المؤدي عن نفسه للإعلان عن الغضب والاستياء وإظهار صعوبات الحياة، لذلك ترتبط موسيقى الهيب هوب بالقضايا الشائكة، خاصة وأن بداية ظهورها شهدت ممارسة السياسات العنصرية ضد الأمريكيين الأفارقة.

انطلقت فرقة “دام” لتعبر عن الواقع الفلسطيني المرير من بطالة وفقر وعصابات إسرائيلية تنتهج التمييز ضد العرب، ووفقا لصحيفة لوموند الفرنسية كانت نقطة انطلاق الفرقة تأثر أعضائها بأغاني توباك شاكور، مغني الراب الأمريكي، والتي كانت تتناول معاناة الأمريكيين من أصل إفريقي والتمييز ضدهم، حيث وجدوا تشابها كبيرا بين الشوارع في فيديو توباك وحارات مدينة اللد والدمار الذين يعيشون فيه، مما دفعهم إلى إظهاره للعالم من خلال الهيب هوب.

مين إرهابي.. أنا إرهابي

وكانت أغنية “مين إرهابي” التي صدرت عام 2001، علامة فارقة في تاريخ الفرقة، حيث انتشرت الأغنية على نطاق واسع في كافة أنحاء العالم وفور صدورها حملها أكثر من مليون شخص من على الإنترنت، وأصبح أسم “دام” متداولا في الشرق الأوسط، بل قامت مجلة “رولينغ ستون” الفرنسيةبتوزيع الأغنية مجانا مع أحد أعدادها، فيما نددت إسرائيل بكلماتها باعتبارها تحرض على العنف ضدهم.

مين ارهابي ؟ انا ارهابي ؟ كيف إرهابي وأنا عايش في بلادي؟ مين إرهابي ؟ انت إرهابي! ماكلني وانا عايش في بلادي! قاتلني زي ما قتلت جدادي.. اتجه للقانون؟ عالفاضي ما أنت يا عدو.. بتلعب دور الشاهد المحامي والقاضي.. علي قاضي بنهايتي بادي.. حلمك نقل

فوق ما احنا أقلية.. حلمك الأقلية تصير في المقابر أكترية.. ديموقراطية؟! والله إنكم نازية.. من كتر ما اغتصبتوا النفس العربية”

تصدر “دام” أغنياتها باللغة العربية إلا أن لديها عددا من الأغاني باللغتين الإنجليزية والعبرية، في محاولة لإيصال رسالتها إلى العالم أجمع بمختلف اللغات للتعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني التي تواجه خطر النسيان يوما بعد يوم، وتمزج موسيقاها بين الغرب والشرق بالاعتماد على الآلات الشرقية العود والدربكة والهيب هوب الحديث، ويبدو في موضوعاتها التأثر بكل من غسان كنفاني، أحلام مستغانمي، محمود درويش، ناجي العلي، حيث تبرز الموضوعات التي تتناولها القضية الفلسطينية وأوضاع مدينة اللد المنكوبة التي تبعد 15 دقيقة عن تل أبيب، وتنتشر بها البطالة والفقر والمخدرات والعصابات؛ إذ تعتبر المدينة أكبر سوق مخدرات في الشرق الأوسط

أنتجت الفرقة على مدار السنوات 3 ألبومات، الأول بعنوان “أوقفوا بيع المخدرات”، والثاني “مين إرهابي أنا إرهابي كيف إرهابي وأنا عايش في بلادي” الذي احتوى على أغنية تحمل نفس العنوان والتي لاقت نجاحا غير مسبوق، وأصدرت الفرقة أغنية منفردة باللغة العبرية بعنوان “ولدت هنا” وكانت موجهة إلى الجمهور اليهودي في إسرائيل، وردًّا على أغنية إسرائيلية باللغة العبرية تحمل نفس الاسم، وتروج لانتماء اليهود للأرض الفلسطينية.

إسرائيل تحارب “دام”

بمرور الوقت نما إحساس بالتحدي لدى ثلاثي أعضاء فريق دام، وقاموا بعمل ورش متنوعة للفلسطينيين المحرومين من كل شيء بسبب الاحتلال الصهيوني، ونجحت الفرقة في إحياء عدد كبير من الحفلات، وتكوين قاعدة جماهيرية كبيرة في الأراضي الفلسطينية وخارجها، كما قدم المخرج جاكي سلوم، فيلماً وثائقياً عن الفرقة وتأثيرها على الساحة الفنية، فيما استخدمت أغاني الفرقة في العديد من الأفلام من بينها “فورد ترانزيت” للمخرج هاني أبو أسعد، و”أين أسامة بن لادن” للمخرج مورجان سبورلوك، و”ملح هذا البحر” للمخرجة آن ماري جاسر، و”ملاك محلي”، و”مسامحة” للمخرج أودي ألوني، إلى أن تعرضت،خلال الشهور الماضية، إلى حملات تحريضية من الحزب اليميني الإسرائيلي الذي طالب بمنع الفرقة من الغناء.

المصدر : وكالات

Hide picture