“البؤجة”… مسرحية عن واقع اللجوء الفلسطيني

حمل الفلسطينيون معهم ما تيسّر لهم عندما طُردوا من فلسطين عام 1948، وحرص الكثير منهم على حمل أوراقهم الثبوتية وصكوك الملكيّة “الكواشين”، ومفاتيح بيوتهم ووضعوها في صُرّة كبيرة تُعرف بـ “البؤجة” باللهجة الفلسطينية.

وعلى الرغم من تمسّك اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات بحق العودة إلى وطنهم إلا أنه جرت محاولات عدّة لتهجيرهم وتوطينهم في دول مختلفة، ليتنازلوا عن حقهم في العودة إلى ديارهم، ويتخلّوا عن صكوك الملكية التي تُثبت أنهم أصحاب الأرض.

 

تجسدت هذه الأحداث في مسرحية “البؤجة” من تمثيل فرقة المسرح الوطني الفلسطيني، تأليف محمد عيد رمضان وإخراج محمد الشولي رئيس الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين في لبنان، والذي قال في حوار مع “العربي الجديد”: عندما تهجّر شعبنا من فلسطين عام 1948 حملوا على ظهرهم “البؤجة” التي كانت تحوي أغلى ما يملكون من مفاتيح بيوتهم وأوراق الملكية لاعتقادهم أن فترة غيابهم عن أرضهم ستستمر لمدة يومين فقط ثم يعودون إلى وطنهم. ولكن عندما وصلوا إلى مخيمات اللجوء وتشكّلت هيئة غوث اللاجئين أخذوا منهم هذه “البؤجة” وجمّدوها واستبدلوها بواحدة أخرى تحمل تموينا ومعلبات تحت عنوان الحل المؤقت”.

 

وأضاف: “سبعون عاماً وما زالت “البؤجة” المؤقتة تكبر والشعب الفلسطيني ينتظر استلام “البؤجة” الحقيقية كي يعود إلى الوطن، ومر الشعب الفلسطيني خلال فترة اللجوء بوعود كثيرة من العالم أجمع وحتى الأمم المتحدة لحل قضيته وعودته إلى فلسطين إلا أن الوعود لم تتحقق، فالأشخاص يتغيرون والمواعيد تتغير، وكلما وصلت قضيتهم الى مرجعية كانت “البؤجة” هي الحل، أي أن كل الذين تدخلوا في حل قضيتنا كان هدفهم إبقاءنا لاجئين وعدم عودتنا الى أرضنا، الى أن قرر الذين تهجروا حرق “البؤجة” والنزول إلى الأرض وفلاحتها بأيديهم، لذلك نصل إلى قناعة ألا يتكل الشعب الفلسطيني على أحد لحل قضيته بل يجب أن يتكل على نفسه لتحرير أرضه من المحتل”.

ولفت الشولي إلى أن المسرحية خليط ما بين المسرح الرمزي والمسرح الواقعي، تتخللها كوميديا سوداء في جزء من العرض، و”أستطيع القول إنني دمجت ما بين ثلاثة مدارس مسرحية حتى بنيت هذا العرض المسرحي”.

 

الكاتبة والروائية الفلسطينية، وداد طه، قالت: “يراوغ المخرج محمد الشولي بعنوان مسرحيته “البؤجة”، فالعنوان يذكر بالحمل لذا يتبادر إلى ذهن السامع الهم الفلسطيني والشتات الذي اضطره إلى حمل أمتعته في “بؤجة” للرحيل. ولكن حين يشاهد العمل، ويرى أنه يطرح قضية المعونات التي يتلقاها الفلسطيني أو الهدايا المرمز إليها بالبؤج، والتي تقف بدورها مكان المساومة على الحق والتنازل أمام إغراءات يحاول المحتل التلويح بها كي نتنازل عن حقنا بأرضنا وإرثنا ووجودنا، فإن العمل يصبح أقرب إلى روح العصر الذي نعيش. ويحاول بث وعي وطني وإنساني من خلال الفن، خاصة أن الأبطال هم البسطاء والعاديون من أبناء فلسطين. وبهذا، فهو يقول إن فلسطين يقرر مصيرها أبناؤها، ولن يساوموا على حبة تراب منها، مهما كانت التحديات، وهم يرفضون أي محاولات للمساومة والتنازل والمصالحات والبدائل. عمل جميل وهادف وخفيف الظل”.

 

استطاع الممثلون خلال ساعة وربع من عرض المسرحيّة أن يوصلوا رسالتهم إلى الحضور الذي تفاعل معهم باختلاط مشاعر الضحك بالحسرة على وطن ضاع بفعل تآمر العالم على قضيته، وقد أضفى الفنان الفلسطيني محمد الآغا رونقاً على العرض المسرحي من خلال أغانيه التي كانت تجسد المشاهد على خشبة المسرح.

العربي الجديد

Hide picture