الروح النابضة للتاريخ

قد يتساءل البعض عن سر قوة الفلسطيني في الدفاع عن لباسه، وقد يظن أن دفاعه هو دفاعٌ عن قطعة قماش متضمن لمجموعة من التطريزات وبعض الإكسسوار المرافقة لارتدائه. ومع أن قانون دفع السارق عن أي ممتلك كبر في قيمته المادية أو صغر واجبٌ من حيث المبدأ؛ إلا أن الأمر أكبر من هذا، فمعلوم في بناء الحضارات أن لباس الإنسان هو عبارة عن تراكيب مجتمعة للجغرافيا والمناخ والثقافة والمعتقد تأخذ كلها في صناعة وطريقة اللباس إضافة إلى المتاح من مواد أولية في المكان لصناعته، وهنا نتعرف على صاحب المكان وكيف يعيش، وكمثال ٍ توضيحي نقول إن لباس الصحراء متناغم مع حرارة المكان نهارًا وبرودته الجافة ليلًا وكمية الرمال في المحيط التي يجب أن تتوفر عوامل فيه حتى تحمي ابن الصحراء، وكذا الأمر في الجبال فلا بد أن يكون واسعًا ملائمًا للحركة في الطبيعة الصعبة وعلى هذا فقس؛ وهنا نقول أن لباس الفلسطيني هو لباسٌ يثبت أنه ابن المكان وبيئته وهو صناعة تراكمت على مدى آلاف السنين حتى وصل إلى الصيغة والشكل الأنسب والأجمل من المتوفر في بيئته.

وهنا يدرك الاحتلال أن روايته التي يسعى لفرضها بأنه موجود وصاحب الأرض تتطلب أن يظهر بشكل خارجي لا يوحي بأنه غريب وهنا صراعنا الأكبر لإثبات الرواية الحقيقية التي قد تبدو واضحة وجلية لوهلة، لكن علينا الأخذ بعين الاعتبار قاعدة الاحتلال القائمة التي تقول” اكذب واستمر بالكذب حتى تصدق ما تقول ويصدقك الآخرون” والمسألة قضية وقت حتى يربح.

الثوب الفلسطيني يا سادة هو تاريخ الفلسطيني وهو بيئته الذي يكون في الزراعة متناسقًا وبسيطًا ملائمًا لعمل الفلاح، وفي الصحراء نرى البرقع مع التطريز الأحمر الذي يحمي المرأة في صحراء النقب من رمال الصحراء وتتزين بألوان يعرفها أهل المنطقة وهي الألوان المتوفرة، ولباس المدينة تراه أكثر دقة وأكثر تطريزًا وتراه جليًا في الثوب التلحمي المدينة العريقة التي تكون فيها النساء أقل عرضة للعمل وأكثر حضورًا في اللقاءات الاجتماعية.
سيبقى الفلسطيني ومن يحب فلسطين يدافعون عن كل مكنونات وطنهم وإن طال الزمن والثوب جزءٌ منه ويليق بنسائهم ولا يليق بمن جاء من أوروبا (محتلاً) وإن تفنن في تقليد أبناء الأرض ولعب دور المالك الأصيل لها.

Hide picture